الاثنين، 25 يونيو 2012

تفاح أصـفـــر

تفاح 
أصـفـــر

- 1- قنينة الورد:
أراها.. أو بالأصح أرى ظلها.. أستطيع أن أرى عينيها رغم الظل والظلام.. تتراقص كفراشة ليلية مضيئة.. لن يعلم سرها سوى عاشقها.. تتقن فن الطيران.. فن التجول بالنسمة.. آه لو تهيم تلك الفراشة لتسكن بين أحضان ورداتي.. فلطالما حسدت البشر على قدرتهم على الاحتضان.. على الضمَّة.. على السكون والاحتواء بحضن أحدهم.. كم وددت لو أن فراغي يتحطم على يدها.. وهي تملأني كل صباح بالأزهار.. لتضعني على مائدة الإفطار.. ثم تنتشل بلمستها الراقية وردة لتضمها بين خصلاتها...

-2- النافذة الزجاجية
عيناي التي برقت بها دمعة وأنا أراها تجلس منكسرة.. من كان يصدق هذا العشق؟!
أتذكَّر حين همست لي أنفاسها بذاك النهار الشتوي، ودغدغني دفء أنفاسها.. كأنها تعيد صياغتي.. وتحولني من نافذة زجاجية إلى رسالة عشق.. تحجَّبت الرؤية قليلًا عني.. لكني أدركت أنها تنفِّس بخارًا لترسم له قلبًا على صفحتي الزجاجية..
وآه.. كم من مرات مرت تنفَّست بالمكان ذاته الذي تركت به قلبها لتتأكد أن الرسالة ما زالت قيد التسليم..

-3-المنديل
ياء.. أعشق الياء بلغة البشر.. إنها ياء محبَّبة.. تلفظها فتتغير معاني الكلمات.. بالتأكيد يمكن أن أطلق عليها ياء الملكية، حين تناديه حبيبــ(ي).. تذوب الكلمات بفمها.. فهو لم يعد أي حبيب، بل حبيبها هي، والأجمل حين تختتم بها اسمه، فكأنها تطبعه بطابع عشقي لا يمكن تقليده، فمن يمكن أن ينطق حروف اسمه كما تنطقها حين تختمها بالياء؟.. لذا لا يمكنني أن أكون أكثر فخرًا؛ لأني منديلها الحريري، أحمل عبق عطرها، وحبات عرقه...  

-4- أطار الصورة
أذكر جيدًا هديته لها.. مجنون بها هو.. مجنون حقًّا بكل ما تحمل الكلمة من شغف وتملُّك.. بلا أنانية.. الجنون الذي يجعلك تتعمق بمن تحب حتى أغواره..
ما ملكني يومًا هذا الشغف لأكون بشرًا إلا لأتذوَّق ذاك الرهف والإحساس.. لأتمكَّن من معرفة كيف استطاع أن يفعل ذلك.. أن يحبها بكل تناقضاتها وعُقَدها وأفكارها الغريبة التي كثيرًا ما أيقظته فجرًا لتخبره بها.. لكن ماذا أفعل؟ وأنا المعلَّق بالجدار أحمل صورة الجدة.. أشاهده حين قبَّلها وقال لها:
ماذا تحبِّين أن أجلب لكِ هدية؟
أحب الطبيعة.. أعشق اللون الأصفر.. وطعم السكر.. دفء الضوء حينما يتطلع إليه زهر العبَّاد.. ابتسامتك في الصباح..
ضحكت برقة وهي تقول:
واحرص على أن تجلبهم في صندوق..

-5- التفاح الاصفر
بإيمان ضئيل بهذا العالم.. بخوف تداخلات الأبيض والأسود.. يبقى السؤال.. أيمكن حقًّا أن يحدث؟
أن تنتقل الروح إلينا؟
أن تعتمر داخلنا بكل ترانيمها وتأملاتها وحتى عذاباتها؟
أيمكن أن تأخذنا جلالة الذكرى فأظل أشعر بحلاوتها.. وأظل أتذكر صوتها وضحكاته.. أن أشاركهما حتى بالضحك.. وأنا أتذكر يوم باغتها بي.. لم أكن حتى أفهم ماهية ما أحوي.. عندما طلَت أناملها وهي تضحك قائلة: لقد أتيت حقًّا بالصندوق؟
ثم أشعر برعشة الدمعة التي سقطت على رأسي وهي تحتضنه:
تفاح أصفر.. جلبت لي تفاحًا أصفر..
أن تسكنني بحَّة صوته وهو يقول:
أظن أنه يجمع جلَّ ما تمنيتِ ما عدا زهر العباد.. فهو ما يحمله تطلُّعي إلى دفئك يا حبيبتــ(ي)..
أيعقل أن نشاركهما الألم كما العشق.. نبكي فراقه كما نهيم بعشقه؟
أن نبتهل كالبشر...
يا رب.. هبنا القدرة على النسيان.
------

حـــوري

هناك تعليقان (2):

  1. رهيبة جدا جدا
    بسم الله ما شاء الله عليكِ
    في منتهى الابداع و الرقي
    اسمحي لي ان اضعها على صفحتي
    تحياتي لكِ

    ردحذف